وما.أدراك.ما.ليلة.القدر
ليلةٌ عظيمة القدْر ، رفيعة الشأن ، مَن حاز شرفَها فاز وغَنِم ، ومَن خسِرها خاب وحُرِم ، العبادة فيها خيرٌ مِن عبادة ألْف شهر.ليلةٌ مبارَكة، يكفي بها قدرًا أنَّ الله - جلَّ شأنه - أنزل فيها خيرَ كُتبه ، وأفضل شرائع دِينه ؛ يقول الله تعالى فيها : ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ﴾ [القدر 1 - 5].
ليلةُ القدْرِ ليلة ليستْ كبقية الليالي ، أجْرها عظيم ، وفضلها جليل ، المحروم مَن حُرم أجْرَها ولم ينلْ مِن خيرها ؛ قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن صام رمضانَ إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تَقدَّم مِن ذنبه ، ومَن قام ليلةَ القَدْر إيمانًا واحتسابًا غُفِر له ما تَقدَّم مِن ذنبِه)).
وقدْ بيَّن النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - زمانَها فقال - عليه الصلاة والسلام -: ((الْتَمِسوها في العَشْر الأواخِر مِن رمضانَ)) ، وقرَّب للناس وقتَها ، فقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((تَحرَّوا ليلةَ القدْر في الوترِ مِن العشر الأواخِر مِن رمضانَ))، فهي في الأوتار منها بالذات ؛ أي ليالي : إحدى وعشرين ، وثلاث وعشرين ، وخمس وعشرين ، وسَبع وعشرين ، وتِسع وعشرين.
ورجح بعضُ العلماء أنها تتنقل في هذه الليالي الوتر ، وليستْ في ليلةٍ معيَّنة كلَّ عام ، قال النوويُّ - رحمه الله تعالى -: "وهذا هو الظاهِر المختار لتعارُض الأحاديث الصحيحة في ذلك ، ولا طريقَ إلى الجَمْع بيْن الأحاديث إلاَّ بانتقالها".
وقد أرشدَنا النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - إلى أفضل ما نقول إذا وافقْنا هذه الليلة ؛ فعن أمِّ المؤمنين عَائِشَةَ - رضي الله عنها - أنَّها قالت : يا رسولَ الله ، أرأيتَ إن وافقت ليلةَ القَدْر ما أقول؟ قال : قولي : ((اللهمَّ إنَّكَ عفوٌّ كريمٌ تحبُّ العفوَ فاعفُ عنِّي)).
ولليلة القدر علامات تُعرف بها ، ثبتتْ بسُنَّة النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ومِن هذه العلامات :
#العلامة_الأولى : أنَّها ليلة مُضيئة ؛ فعَن واثلة بن الأَسْقع - رضي الله عنه - أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال : ((ليلةُ القَدْر ليلةٌ بَلَجَة ، لا حارَّة ولا بارِدة ، ولا يُرمَى فيها بنَجْم)).
#العلامة_الثانية : أنَّ ليلتَها معتدِلة، لا حارَّة ولا بارِدة ؛ فعن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((لَيْلة طَلْقَة ، لا حارَّة ولا بارِدة ، تُصبح الشمسُ يومَها حمراءَ ضعيفةً)).
#العلامة_الثالثة : أنَّ الشمس تَطلُع في صبيحتها لا شعاعَ لها ؛ فعن أُبيِّ بن كعب - رضي الله عنه - أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أخْبَر أنَّ من علاماتها أنَّ الشمس تطلع صبيحتَها لا شُعاع لها.
فالاجتهادَ الاجتهادَ فيما بقِي مِن أيام وليالي هذه العشر ، علَّنا نوافِق ليلةَ القدر ، وننال ما فيها مِن عظيم الثواب والأجر ؛ اقتداءً بالحبيب المصطفى - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأن نُكثِر فيها من الدعاء والتضرُّع إلى المولَى - عزَّ وجلَّ - لنا ولإخواننا المسلمين.
لا حرَمَنا الله مِن خيرها ، وجعَلَنا الله ممَّن يوافقونها ، وينالون أجْرها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق